خدمات عبر الانترنت

حوار السيد الهاشمي جعبوب وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي مع يومية الشعب

في 2 ماي 2021

عشية إحياء اليوم العالمي للشغل أجرى وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد الهاشمي جعبوب حوارا مطولا مع يومية الشعب تطرق فيه إلى العديد من القضايا التي تهم عالم الشغل كـالحوار الاجتماعي تداعيات أزمة كورونا كوفيد-19 على العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، الإستراتيجيات التي اتبعتها الدولة الجزائرية للتقليل من الأثار السلبية لهذه الجائحة العالمية على العمال وعالم الشغل.

الشعب أونلاين: يرتكز العمل على منظومة قانونية متكاملة، ما هي أبرز التعديلات التي طرأت في ضوء التغيرات التي حصلت في عالم الشغل؟

الهاشمي جعبوب: عالم الشغل في الجزائر على غرار كل القطاعات تأثر سلبا وإيجابا بالتغيرات الجيوسياسية التي مرت بها البلاد، من بروز للقطاع الخاص، العمالة الأجنبية، ظهور متعاملين أجانب. كما تأثر القطاع العام خلال تلك السنوات الماضية بحدوث انهيار اقتصادي مع إعادة هيكلة وكل ما ترتب عنها من تسريح للعمال بالآلاف إلى جانب غلق للمصانع (في التسعينات).

أكثر من هذا، أنّ سياسة التطهير المالي لم تحقق النتائج المنتظرة فيما الخوصصة لم تأت بنتائج عدا بعض حالات استثنائية سجلت نجحت في حماية الجهاز الانتاجي.

عالم الشغل كان في قلب التحولات الكبرى والتحدي تمثل في التكفل بآلاف المسرحين تحت إكراهات شروط صندوق النقد الدولي (افامي) التي كانت لها تبعات مالية على عاتق الخزينة العمومية ولا تزال آثارها إلى اليوم.

من جانب آخر، يسجل انفتاح على القطاع الخاص الأمر الذي كان له جوانب إيجابية في توفير مناصب عمل، وفود عمالة أجنبية شاركت في إنجاز المشاريع الكبرى، لكني كوزير أعتبر أنها كانت منافسة بشكل كبير لليد العاملة الوطنية. بأسف كان يتم جلبها بطريقة فوضوية وغير مراقبة وبدون جدوى على حساب العمالة الوطنية وما يترتب عنه من تحويلات كبيرة بالعملة الصعبة.

أشير إلى أن الجزائر صدّقت على كل اتفاقيات العمل الدولية غداة الاستقلال فقد قام الرئيس الراحل أحمد بن بلة بالتصديق على 27 اتفاقية دولية، والتشريعات الوطنية مكيّفة مع الإتفاقيات الدولية باستثناء بعض القوانين.

خلال سنتي 2019/2020 واجهت عالم الشغل تحديات كبرى وألخصها في: الكساد الاقتصادي الذي أصاب البلاد جراء الفساد وارتداداته على النسيج الاقتصادي (فقدان 51 الف منصب عمل في نشاط وكلاء السيارات)، وتوقف الاستثمارات الأجنبية والوطنية لاعتبارات موضوعية أحيانا وكثيرا بسبب خبث الإدارة بعرقلتها للنمو الاقتصادي، إضافة إلى نقص التمويل للمشاريع المسجلة والغياب الكلي لتلك الأجنبية المباشرة، التي راهنا عليها كثيرا ما راهنا عليها وعلى الوعود الكاذبة للاتحاد الاوروبي.

ثم جاءت أزمة الوباء التي مست كل العالم وهنا أذكر أن رئيس الجمهورية أولى عناية خاصة لعالم الشغل باتخاذ اجراءات فورية وجريئة وذات كلفة مالية للمحافظة على أدوات الإنتاج ومناصب العمل والقدرة الشرائية وحماية صحة المواطنين. كما أذكر بإجراءات تكفّل الدولة بالعطل الاستثنائية لمواجهة كوفيد-19 والتكفل بدفع الأتعاب المالية للفحوصات الطبية جراء هذا المرض، إضافة إلى دعم المواد الغذائية واسعة الاستهلاك مع دعم المواد التي تدخل في تغذية الأنعام بما يعادل 4 ملايير دولار.

لقد سعت الدولة للحفاظ على مناصب العمل لكن سجلنا بالمقابل انخفاضا كبيرا في عروض العمل لنفس الأسباب. هنا نركز اهتمامنا الآن مع القطاعات المعنية في السعي لتحرير الآلة الاقتصادية والدفع بها قدما بكل فروعها الصناعة، الفلاحة، الخدمات، السياحة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي من شأنها توفير مناصب عمل للشباب الجامعي وغيره، وهذا انشغالنا الأول وانشغال الحكومة الذي يوليه الرئيس اهتمامه الأول وحرصه على إيجاد آليات وحلول للظاهرة.

أشير إلى الحرص على تشجيع الشباب للتوجه إلى المقاولاتية والاعتماد على الذات لإنشاء مؤسسات ناشئة بالمبادرة وروح المقاولاتية والدولة تقدم الدعم الكبير من خلال مختلف الأجهزة مثل «أناد» و»كناك» و»أنجام».

فقدان 51 ألف منصب عمل في نشاط وكلاء السيارات

بعد سنة من تفشي جائحة كوفيد-19، إلى أيّ مدى تأثر عالم الشغل بتداعيات كورونا؟

أصيب عالم الشغل على مرتين فقدان مناصب شغل وغلق مؤسسات مع قلة الاستثمارات الجديدة. لكن يبقى الأمل في زوال الوباء واستئناف الدورة الاستثمارية.

من معوّقات الاستثمار العقار الصناعي والفلاحي والسياحي إلى جانب التمويل البنكي والبطء في الاجراءات الادارية وهذا الأمر أشجبه وأندّد به وأعتبره عملا اجراميا وغير مقبول أن يعطل مسؤول استثمارات مدرّة للفائدة. أتأسف أننا نلحظ بعض مسؤولين مكلفين بالاستثمار غير آبهين بالتداعيات الوخيمة على الاقتصاد. أذكر هنا أنّ الرئيس أعطى تعليمات بهذا الشأن مدعومة بتوجيهات الوزير الأول إلا أن الأمر لا يتم وفق التسارع والمنهجية المطلوبة.

على مستوى الوزارة نتلقى يوميا عرائض وصراخ البطالين الذين نتضامن معهم ونرافقهم لكن في غياب مناصب عمل حاليا.

مفتشيات العمل أحيي أفرادها نظير كل ما يقومون به لحماية حقوق العمال. أعلم أنهم يشتغلون في ظروف صعبة وبإمكانيات تكاد تكون معدومة وأسعى بجهدي لإمدادهم بكل الوسائل التي تسمح بأداء مهامهم على أكمل وجه.

أذكّر أنّ هذا السلك مكلف بمراقبة مدى احترام قانون العمل بين صاحب العمل والمستخدم وأسجل بارتياح تحسن نسبي ملحوظ لدى المتعاملين في احترام الاتفاقيات الجماعية وأحكام قانون العمل، لكن تبقى فئة قليلة نتعامل معها وفقا للقانون بالتنبيه والتحذير أو الذهاب إلى العدالة أو القيام بدور الوسيط للصلح حالة نزاعات عمالية وكثيرا ما تكلل الوساطات بإزاحة العراقيل واتفاق الأطراف.

الفساد، الاستثمار الأجنبي والتمويل أكبر التحديات

الحوار الاجتماعي آلية لإرساء الاستقرار لا سيما مع تنامي ظاهرة الإضرابات المفاجئة في قطاعات حساسة، ما مصير آليات الحوار الاقتصادي والاجتماعي؟

الأربعاء الماضي، جرى لقاء احتفالا باليوم العالمي لحماية العمال وأماكن عملهم بحضور ممثل الصحة العالمية والمكتب الدولي للشغل في الجزائر. بلدنا في وضع مريح جدا دوليا بالنظر للإجراءات الاحترازية والوقائية عن طريق هيئات القطاع العام والخاص، تعميم الآليات وأساليب التباعد، توصيات لكافة المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين والمراقبة والمتابعة من مفتشيات العمل.

في اجتماع مجلس الحكومة الأخير، تمت الإشارة إلى هذا بقوة فقد ذكر الوزير الأول بمدى حرص رئيس الجمهورية على التفاعل الايجابي والفوري مع الظاهرة تعكسه مواقفه ودفاعه المستميت عن المكاسب ومصالح وأمن وصحة العمال منها رفع الأجر القاعدي من 18 إلى 20 ألف دينار يسري كما هو مسطر في 1 جوان المقبل.

أما ما يلاحظ من إضرابات يجب التذكير بأن المادة 70 من دستور البلاد تكرس الحق النقابي والتعددية النقابية والمادة 71 تمنح حق الإضراب للنقابات في إطار القانون وبعد اتباع واستنفاد كافة مراحل التشاور والحوار والصلح. هنا أشير إلى بعض «نقابات صورية» غير معتمدة لا تملك تمثيلية عمالية وتنتحل الشخصية محاولة الحديث باسم العمال دون تفويض. هذه الجماعات لا تملك صفة نقابة وبالتالي هي مدعوة للتوقف عن هكذا تحركات، علما أن إنشاء نقابات مضمون قانونا وندعوها للامتثال للقانون.

النقابة التمثيلية شيء والنقابة ذات التمثيلية العمالية شيء آخر، فالتي لديها 20 بالمائة من العمال نقابة تمثيلية يحق لها التفاوض مع المستخدم أذكر هنا أن الإضراب يلجا إليه في آخر المسار ولا يبدأ به إذ هناك مراحل سابقة تتمثل في التفاوض والتشاور والتحكيم.

هنا أذكر أننا، في مارس الأخير، تم تنصيب هيئتين وطنيتين في الوساطة والمصالحة والتحكيم في حالة وجود اختلافات بين أرباب العمل والنقابات هما اللجنة الوطنية للتحكيم تخص القطاع الاقتصادي يرأسها قاض من المحكمة العليا والمجلس متساوي الأعضاء في الوظيفة العمومية تعالج نزاعات الإدارة العمومية والهيئتان رهن الاشتغال حاليا.

إن المطالب المعبر عنها مشروعة، لكن الإضراب المفتوح والمتكرر يصنف خارج القانون، فالإضراب القانوني يسبقه إعلان للدخول في تفاوض وكيفية القيام بالإضراب وضمان الحد الأدنى من الخدمة العمومية.

النشاط النقابي في الجزائر هو علامة صحية عاكسة لديمقراطية الحياة الوطنية وتكريس الحريات في أوساط العمال. أشير أنه في إطار تحسين وصون الحق النقابي نحن بصدد تعديل القانون 19-14 المتعلق بالحق النقابي تماشيا مع مقتضيات قوانين المكتب الدولي للعمل وأهم التعديلات تخص منح الإمكانية لتأسيس اتحادات نقابية.

تعطيل استثمارات ذات فائدة «عمل إجرامي»

وماذا بالنسبة للنقابات المسماة «مستقلة» التي غالبا ما تكون مطالبها راديكالية؟

نقابة مستقلة عن من ؟ هذه تسمية لها خلفية عدم انتماء للاتحاد العام للعمال الجزائريين. لكن العمل النقابي سلوك حر، فتأسيس نقابة حق يكفله القانون وتوجد عدة نقابات تحضر للدخول في اتحادات سواء للعمال أو رجال الأعمال.

هذا التوجه نثمنه ونأمل أن حقل النشاط النقابي يكون شريكا اجتماعيا كامل الحقوق والواجبات ليشارك في الاستشارة واتخاذ القرار والحفاظ على أمن وسلامة واستقرار الوطن وحماية الآلة الإنتاجية الوطنية.

نقابات صورية تنتحل شخصية الحديث باسم العمال

نظام الحماية الاجتماعية مكسب، لكن منظومة الضمان الاجتماعي خاصة صندوق التقاعد يعاني من عجز في الميزانية، كيف يمكن تصحيح الموازين بإدراج القطاع الموازي؟

منظومة الضمان الاجتماعي هي صورة عاكسة للدولة الاجتماعية وفقا لبيان أول نوفمبر إضافة إلى التعليم والصحة.

هذه كلها إلى جانب السكن نتباهى بها بين الأمم. بالنسبة للضمان الاجتماعي توجد تغطية متميزة والنقائص التي يمكن استدراكها.

فيما يتعلق بصندوق التقاعد فإني أطمئن كل المتقاعدين (3 ملايين و335 ألف منتسب) بأنّ الدولة الجزائرية لن تتخلى عنهم أبدا ومهما كانت الظروف والإكراهات وبالتالي يتواصل صبّ المعاشات بنفس الوتيرة والانتظام.

من جانب آخر، فإنّ أغلب الأنظمة الاجتماعية في شتى الدول تعاني حاليا من عدم استقرار ميزانياتها (عجز مالي) وأغلب تلك الدول تساعد صناديق الضمان الاجتماعي من الخزينة العمومية.

بخصوص الاختلال في ميزانية الصندوق الوطني للتقاعد فإن الأمر ليس لنقص أو إهمال أو سوء تسيير وإنما السبب ناتج عن معطيات موضوعية كالتالي: تزايد عدد المتقاعدين (خاصة في 2016) وانكماش عدد العمال المشاركين (الاشتراكات).

يعاني صندوق التقاعد من عجز قدره 590 مليار دينار وتتولى الدولة التكفل به عن طريق الصندوق الوطني للاستثمار الذي يمول بدوره من الخزينة العمومية. لدينا 2.2 عامل لكل متقاعد واحد والتوازن يقتضي من 4 الى 5 عمال لكل لـ 1 متقاعد، وهذا ما يؤدي إلى أنه بهذه الوتيرة يستلزم إحداث 1 مليون منصب عمل جديد أو على الأقل 500 ألف منصب كمرحلة أولى عن طريق الإنعاش الاقتصادي.

بخصوص التقاعد النسبي ودون شرط السنّ فقد سبق أن صرحت أمام البرلمان بالأرقام أنّ التقاعد النسبي ودون شرط السن كان أمرا استثنائيا في 1994 في ظرف استثنائي وفتح الباب أمام هذا النوع من التقاعد يعني استقبال1 مليون متقاعد جديد وبالتالي تضخيم العجز بإضافة 540 مليار دينار. لذلك التقاعد العادي هو الساري حاليا.

أحد أعضاء مجلس الأمة تحدث عن تقاعد ذوي الاحتياجات الخاصة فكان الجواب أنه يمكن فتح باب مراجعة القانون للتكفل بهذه الفئة الهشة.

وبخصوص المهن الشاقة فإن هناك مدونة يتم العمل عليها بين وزارة العمل ووزارات أخرى معنية كالصحة والملف لا يزال قيد الدراسة على مستوى اللجنة التقنية.

النشاط النقابي علامة صحية والإضراب المفتوح غير قانوني

تطوير الخدمات الرقمية للضمان الاجتماعي وباقي المؤسسات التابعة هو التحدي العملي للقضاء على البيروقراطية إلى أين وصل هذا المسار؟

تندرج عصرنة القطاع في صلب برنامج رئيس الجمهورية ومتضمن في مخطط عمل الحكومة ومن أولويات الوزارة. الهدف منه محاربة البيروقراطية، إضفاء الشفافية على عمل الإدارة، محاربة المحسوبية، ربح الوقت في معالجة الملفات وإنشاء بنك معلومات على مستوى القطاع بكل فروعه.

هنا أسجل ارتياحي للإنجازات الكبرى المحققة في كل الهيئات والمؤسسات التابعة لوزارة العمل مع شكر مسؤوليها وموظفيها. فمن خلال زيارات ميدانية ويوم مفتوح تبين أن قطاع العمل والتشغيل في المرتبة الأولى وطنيا وبقيت بعض الأنشطة وكل القطاع ستشمله الرقمنة بنهاية السنة الجارية.

هناك عمليات أخرى ضمن تحسين الخدمة وأنسنتها ومعيار التقييم الداخلي هو النقاط المحققة في الرقمنة والعلاقة مع المرتفقين وتحقيق المستهدفات في تحصيل الاشتراكات ودراسة ومعالجة الملفات.



وسائل الاعلام الاجتماعية

وزارة العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي
الصفحة الرسمية

يوتيوب